في أجواء ملؤها الإلهام والإصرار، تحوّلت قاعة كلية معان الجامعية إلى منصة احتفاء بالأمل والعزيمة، خلال ندوة "بإرادتي أتحدى... نحو دمج شامل وتمكين مستدام لذوي الإعاقة"، التي نُظّمت ضمن فعاليات مبادرة متميزة أطلقتها المدرستان حنين الفناطسة وريم أبو قبيطة، بدعم من عميد الكلية الأستاذ الدكتور سطام الخطيب.
الندوة لم تكن فعالية عابرة، بل ملحمة إنسانية حيّة سلّطت الضوء على قصص كفاح ملهمة لأشخاص تحدّوا الإعاقة وتجاوزوا حدود الممكن بعزيمة لا تلين.
استُهلت الفعالية بعرض رمزي لشعار المبادرة، تلاه عرض مرئي مؤثر وثّق مشاهد من فعاليات اليوم الأول، عكس وجوهًا تصرّ على الحياة وأرواحًا ترفض الاستسلام. تنوعت فقرات البرنامج بين السرد الواقعي والتحليل العلمي، مما أضفى بعدًا معرفيًا وإنسانيًا على الحدث.
وشهدت الندوة حضورًا لافتًا لشخصيات بارزة، من بينهم الدكتور أمجد الشاويش، مدير مركز الشفاء للاستشارات والتدريب، والدكتورة نور البدور من قسم التربية الخاصة في جامعة الحسين بن طلال، حيث قدّما رؤى وحوارات نوعية تناولت سبل دعم وتمكين ذوي الإعاقة، مؤكدَين أن الدمج الحقيقي يبدأ بتغيير النظرة المجتمعية، وتوفير بيئة تعليمية ومجتمعية حاضنة.
ولعل أبرز لحظات الندوة تجسّدت في ظهور الدكتورة رفيدا الحروب، الكفيفة التي وقفت بثقة وهي تحمل المصحف الشريف بلغة برايل، رمزًا مضيئًا للإيمان والعزيمة. شاركت الحروب تجربتها المؤثرة مع التحديات، والدعم الكبير الذي تلقّته من أسرتها وزوجها، في مشهد دفع الحضور للوقوف احترامًا وإجلالًا.
كما ألهب السيد أمجد الرواد مشاعر الحاضرين بكلمة مؤثرة استعرض فيها رحلته مع الإعاقة، والدور المحوري لأسرته في دعمه وتثبيت خطواته، في تجسيد حيّ لقوة الإيمان بالإنسان. تلا ذلك كلمة ملهمة للطالب مؤمن المغربي، عبّر فيها عن أهمية مواجهة الخوف بالإصرار والعمل، مؤكدًا أن الأحلام قابلة للتحقق مهما بَعُدت.
ناقشت الندوة محاور شاملة تناولت الجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية المرتبطة بالإعاقة، فيما ظلّت الرسالة المركزية واضحة وجلية:
"الإعاقة ليست نهاية، بل بداية لحكاية تُكتب بالإرادة وتُروى بالإنجاز."
ندوة "بإرادتي أتحدى" لم تكن مجرد حدث أكاديمي، بل دعوة مجتمعية صادقة إلى احتضان الطاقات الكامنة، والاحتفاء بأبطال حقيقيين يعيشون بيننا، يثبتون كل يوم أن التحدي قرار، والانتصار ليس حلمًا بل واقع تصنعه الإرادة.